برسبوليس، أو “بيرسيبوليس” كما تُعرف في بعض المصادر، هي واحدة من أهم المواقع الأثرية والتاريخية في إيران والعالم، وتمثل رمزًا للحضارة الفارسية القديمة. تقع برسبوليس في محافظة فارس جنوب إيران، وهي كانت عاصمة الإمبراطورية الأخمينية التي أسسها الملك كورش الكبير، وتطورت بشكل كبير على يد أبنائه وخلفائه.
تأسيس برسبوليس
تأسست برسبوليس في حوالي عام 518 قبل الميلاد على يد الملك داريوس الأول، أحد أشهر ملوك الإمبراطورية الأخمينية. اختار داريوس هذا الموقع ليكون مركزًا رسميًا وحكوميًا لإمبراطوريته الواسعة، وأمر ببناء القصور والمعابد والمنشآت الرسمية التي تعكس عظمة الفرس وثراءهم.
الأهمية التاريخية لبرسبوليس
- عاصمة احتفالات رأس السنة (نوروز): كانت برسبوليس المكان الذي يجتمع فيه النبلاء من مختلف أرجاء الإمبراطورية سنويًا للاحتفال برأس السنة الفارسية، وتقديم الهدايا للملك.
- مركز إداري وسياسي: عملت برسبوليس كمركز للحكم والتنظيم الإداري للإمبراطورية الأخمينية، حيث كانت تحوي العديد من المكاتب والمخازن الضخمة.
- معمار فريد: تتميز برسبوليس بهندسة معمارية فريدة تجمع بين عناصر الفن الفارسي القديم والتأثيرات الثقافية من شعوب الإمبراطورية المختلفة مثل البابليين والمصريون.
معالم برسبوليس الرئيسية
- بوابة الأمم: المدخل الرئيسي للمدينة، حيث تُظهر النقوش المشاهد المختلفة من شعوب الإمبراطورية تقدم الهدايا للملك.
- قصر داريوس: القصر الكبير الذي كان مقر حكم الملك داريوس، ويضم العديد من الغرف المزخرفة والمنحوتات الجدارية.
- قاعة المراسم (أوداسا): كانت تُستخدم لاستقبال الضيوف وإقامة الاحتفالات الرسمية.
- التراسات والدرج الكبير: تصاعدي إلى المدينة، يضم منحوتات دقيقة وجدران منقوشة.
- المقابر الملكية: توجد بالقرب من المدينة وتحتوي على قبور الملوك الأخمينيين.
سقوط برسبوليس
تعرضت برسبوليس إلى الخراب والحرق على يد الإسكندر الأكبر في عام 330 قبل الميلاد خلال حملته ضد الإمبراطورية الفارسية. حيث أمر الإسكندر بإحراق المدينة، الأمر الذي أدى إلى تدمير معظم المباني والمعالم الرئيسية، وكان ذلك رمزًا لنهاية عصر الإمبراطورية الأخمينية.
برسبوليس اليوم
تعد برسبوليس اليوم موقعًا أثريًا هامًا ومقصدًا للسياح والباحثين من جميع أنحاء العالم. وقد أُدرجت كموقع تراث عالمي من قبل منظمة اليونسكو في عام 1979، لما تمثله من قيمة تاريخية وثقافية كبيرة.
الخلاصة
برسبوليس ليست مجرد مدينة أثرية، بل هي شاهدة على حضارة عظيمة وحقبة تاريخية هامة لعبت دورًا محوريًا في تشكيل تاريخ الشرق الأوسط والعالم القديم. من خلال بقايا قصرها، ونقوشها الفنية، وموقعها الاستراتيجي، تروي برسبوليس قصة إمبراطورية عظيمة وثقافة غنية لا تزال تلهم العالم حتى اليوم.